قصص

قصه قصر بن عاد

قصــر بــن عـــاد

أود أن أقص لكم سريعاُ قصة غريبة حدثت معي ،وكان لي حظ الأسد كما يقولون لأني نجوت ..وعلي الرغم من أن توابع تلك الحادثة مازالت تؤثر عليّ إلا أن طبيبي النفسي نصحني أن اتحدث عنها ..
فوددت أن أشارككم الحديث ، لأني أعلم بأن ذلك الموقع يهتم بالقصص الحقيقية .
، فأنا اّسمي منتصر وأعمل مصور مواد حية ،وذلك يختلف عن المصور الفوتوغرافي ..فأنا أقوم بتصوير مواد أكثر احترافية وأكثر خطراً ..
،وبعد أن توليت عملي الجديد التابع لناشونال جيوغرافيك ..
اصبح الخطر أكثر ، فقد أصبح عملي وسط الفهود والنمور وتحت أعماق البحار مع القروش والحيتان ..وفي قارة انترتيكا مع الدببة القطبية ..
،ولكني مع الوقت تعلمت الإحترافية في العمل وفي تفادي مخاطر العمل أيضاً ..فتعلمت ألا أثير أي حيوان وأن أبقي علي مسافة اّمنة منه تسمح لي بالهرب إن حدث أي شيء !
،ولكني للحق كنت أتقاضي أجراً أكبر من أي مصور فوتوغرافي تقليدي خاصة مع تلك المخاطر ..فاستطعت في وقت قليل أن أشتري شقة بمدينة نصر في القاهرة واستطعت أن أشتري شقة اّخري في البلد التي كنت أعمل بها ،وأن أشتري سيارة وأدخر مبلغاً مناسباً في إحدي البنوك ..
،ولكن حلم واحد فقط لم أستطع أن أتخلص منه وهو حلم زواجي بإبنة عمي “نجلاء” ، فقد تقدمت لخطبتها مرتين قبل ذلك وقد كان يتم رفضي بسبب ظروفي السيئة ..
أما الاّن فاعتقد بأن ظروفي أصبحت مناسبة تماماً ،واستطيع أن أتقدم لخطبة “نجلاء” بعزم شديد ..
، وبالفعل وافقت “نجلاء” تلك المرة علي الخطبة ..خاصة بعد أن علموا بأني سأقبل عرض عمل من إحدي المنظمات العلمية العالمية التي تحتاج مصورين محترفين لتصوير أماكن اّثرية ومواد علمية،بعضها في أماكن خطرة وبعضها أماكن نائية ومهجورة ..
وبالتأكيد سيكون ذلك أقل خطراً من عملي في ناشونال جيوغرافيك ،كما أني ساتقاضي من تلك الجهة بالدولار وسيعطونني شقة فاخرة في كل بلد أعمل فيها ..!
فكنت أري أحلامي تتحقق وأنا أستلم العمل الجديد ، واتفقت مع عمي أن أتزوج بنجلاء قبل سفري لمهمة العمل الأولي المُكلف بها من تلك الجهة ..
خاصة وأن تلك المهمة ستكون قريباً من محافظة الغردقة في البحر الأحمر ، فيمكننا قضاء شهر العسل هُناك ..
وبالفعل أتممنا مراسم الزواج ولكن حدث ما عكر صفوي اّنذاك فقد علمت بأن نجلاء كانت مخطوبة لشخص يُدعي “حسام” كان يعمل مُدرساً في مدرسة أجنبية وعلمت من الجيران بأنها تركته بعد أن تقدمت لخطبتها ..وقد أشعل ذلك الأمر فتيل مشكلة بيننا كادت أن تنتهي بالطلاق ..
ولكن لا أعرف كيف أقنعتني وقتها بأنها كانت لا تحب حسام وعندما تقدمت لها للمرة الثالثة بتلك الظروف استعانت بذلك وضغطت علي أهلها لتُنهي خطوبتها بحسام.
وبالفعل صدقتها ثم سافرت أنا ونجلاء لقضاء شهر العسل معاً ، فنزلنا في قرية بجانب الغردقة .. وقمنا بقضاء أسبوعين فيها حيث المناظر الخلابة فوق الأرض وأسفل الماء وكنت سعيداً للغاية فلم أكن أشعر بأن شيئاً ينقصني ولكني في بعض الأحيان كنت أشعر بأن “نجلاء” تردد الكلام الجميل الذي تقوله لي دون أن تشعر به فملامحها باردة معظم الوقت وأحياناً اّخري كنت أعطيها عذراً فزواجنا اّتي سريعاً بدون فترة خطوبة كافية ..
،وبعد إنتهاء شهر العسل اتجهنا معاً إلي جنوب البحر الأحمر حيث كانت مُهمة العمل الأولي .. فقد كُنت مُكلف بتصوير الكشف عن الذهب وإستخراجه من الجبال في الصحاري هُناك ..
فنزلت أنا وزوجتي في شقة من شقق العقار التي جُهزت خصيصاً للعاملين في تلك المهمة ، وكان ذلك العقار يتكون من ثلاثة طوابق في كل طابق شقتين ..
ففي الطابق الأول كان يقيم العمال القائمين علي اجهزة الإستشعار التي تكشف عن ذبذبات الذهب ،وفي الطابق الثاني يُقيم مهندسين وعمال الحفر والتنقيب ..
أما الطابق الاّخير فكنت أسكن أنا وزوجتي بشقة وفي الشقة المقابلة مصور اّخر .
فكان ذلك العقار يبعد حوالي 30 كيلومتر عن موقع الحفر والتنقيب ، فتلك الصحاري ولسبب ما لا ينجح أي بناء أو محاولة تعمير داخلها ..
،فتركت زوجتي في العقار واتجهت مع فريق العمل لبداية تصوير المُهمة ،وفور وصولنا استقبلنا عم “حسنين” وهو الغفير الذي تم وضعه لحراسة تلك المنطقة من لصوص الذهب ..!
وكنت متعجباً للغاية لأن يكون الحارس علي كل تلك الصحاري غفيراً واحداً فقط ،ولكن بمجرد أن وضعنا المعدات وجلسنا لنستريح من الطريق وبدأ عم “حسنين” في إعداد الشاي سألته ” هل هو الغفير الوحيد هُنا ؟!” ، فبدأ يقص لنا قصة ذلك المكان ..
“يا بشمهندسين هو المكان ده فيه حد يقدر يقرب منه ، ده لولا العوزة ولقمة العيش مكنتش اقدر اقعد هنا .. يا بيه الصحرا ديه مسكونة ”
فقاطعة أحد المهندسين مستهزئاً ثم قال .. مسكونة ؟!
فأكمل عم حسنين حديثه قائلاً .. “ما تستهونش يا بيه باللي بحكيه ، إللي شاف غير إللي سمع ومش أنا بس إللي عارف كده .. كل أهل المنطقة ديه عارفين إن الصحاري هنا مسكونة بقبيلة من أقوي قبائل الجن المُسلم وهما خدام الدهب ده وحُراسه .. ومحدش يقدر يهوب من هنا ونيته شر وإلا بيكون مصيره أسود !”
،فجلست أسأله عن نوعية الحوادث الغريبة التي وقعت هنا ،بينما سخر مني الباقون وجلسوا يجهزون معدات الكشف عن الذبذبات بينما أنا جلست أعد معدات التصوير وأنا استمع لعم “حسنين” ..حيث أكمل كلامه قائلاً ..
” لحسن الحظ إن الجن هنا مسلم ،وبيديلك تلت إنذارات زي ما الرسول أمرنا بعدم قتل الحيات في البيت وإمهالهم 3 أيام لحد ما يخرجوا لأنهم ممكن يكونوا عمار بيت أو جن مسلم ، وهما كمان بيدونا مهلة 3 أيام وانتم مهمتكم مش هتاخد وقت كبير يعني ممكن تخلصوا قبل اّخر النهار ووقتها مش هيكون فيه مشكلة .. لكن أهم حاجة لو سمعت حد بينادي من بعيد متروحش ، ولو شوفت حية متحاولش تقتلها وهتكونوا في أمان ”
وعندما سألته عن سبب بقائه بخير رغم أنه يعمل في تلك الصحاري لسنوات ،قال لي أغرب شيء سمعته طيلة عمري ، فقد قال ..
“يبني الجن في القبيلة ديه طول ما انت في حالك ..هيبقوا هما كمان في حالهم ..”
أهم حاجة متكونش نيتك سيئة أو جاي تسرق حاجة هما بيحرصوها ..
وأنا عشان كنت جاي أحمي حاجة هما كمان بيحرسوها سابوني في حالي ،بالعكس مع الوقت واحترامي ليهم كانوا كمان بيزودوني بمعلومات محدش يعرفها أو يطمنوني علي حد ميت “
، والحقيقة هي أن ذلك الكلام لم يقنعني وشعرت بأنها مجرد تخاريف ولكن قطع تفكيري صوته وهو يقول .. “تعالي هوريك حاجة ”
ثم مشينا معاُ بإتجاه الجبال فوجدت المئات من جثث حيوان “العرسة” ،ففزعني ما رأيته بشدة فقد وجدت العديد من رؤوس العرسة التي تمليء الصحراء ..فسألت “عم حسنين” إيه المنظر الفظيع ده ؟!
فقال لي .. “انت عارف إن العرس دول كانوا زمان بيسموهم سراقين الدهب ، لأنه الحيوان الوحيد إللي قادر يحس بذبذبات الدهب زي الأجهزة ولسبب محدش يعرفه بيحبوا يسرقوا الدهب وأوقات الجن غير المسلم من القبائل التانية بياخد شكل الحيوان ده عشان يسرقوا الدهب .. والنتيجة زي ما أنت شايف كده ! ”
،ولا أنكر بأن كلام الغفير أرعبني رغم أنه يبدو خيالياً ولكني أقنعت نفسي بأنه مجرد يوم ولن يضرنا شيئاً كما قال عم حسنين ..
، ثم قطع تفكيري صوت صديقي المهندس وهو ينادي عليّ لأقوم بعملية التصوير ..وبعد أن أنقضي نصف اليوم وأوشكنا علي الغروب ،بدأت أشعر بأصوات هامسة تنادي عليّ من بعيد ،لكني استعذت بالله وتجاهلتها كما قال الغفير ووضعت عيني علي عدسة الكاميرا لكني رأيت ما جعل الدم يغلي في عروقي ..
فكلما وضعت عيني علي عدسة الكاميرا لا أشاهد ما أصوره بل أشاهد زوجتي نجلاء في أحضان رجل غريب ، فحاولت الإستعاذة بالله وإكمال عملي ولكن كلما وضعت عيني علي العدسة رأيت تلك الهواجس ..حتي لاحظ كل زملائي ذلك !
، ثم بدأت تلك الصور تُترجم إلي أصوات فبدأت أسمع صوت زوجتي كأنها أمامي وهي تنادي وتقول “حسام” ، كدت أجن فهل يعلم الجن بأن خطيبها السابق يدعي حسام؟!
،وحاولت صرف تلك الأصوات ولكن دون جدوي حتي حل اّذان المغرب وكنا بالفعل انتهينا من العمل ووقفت تلك الأصوات ،وقلت لنفسي أن الجن كان يتلاعب بعقلي ويستغل مخاوفي ..
وقبل أن ننصرف قصصت علي عم حسنين ما شاهدته وسمعته، فرأيته ينظر بشرود للأرض ثم قال لي قبل أن أنصرف “الجن المسلم ما بيكدبوش يا بني ، أكيد كانوا بيحاولوا يحذروك من حاجة ..خلي بالك علي بيتك وخلي بالك من مراتك ! ”
،فكان كلام الغفير بمثابة خنجر نزل علي قلبي .. ولكن مع مرور الوقت نسيت تلك الحادثة ولن أشك في زوجتي لمجرد خرافات ..
،فمرت أشهر بعد ذلك اليوم تنقلت فيها بين عدة بلدان .. ورغم أني كسبت مبلغاً لا بأس به من المال ، لكن كانت “نجلاء” دائمة التذمر بسبب كثرة تنقلنا وفي الفترة الاّخيرة أصبحت كثيرة السفر لزيارة أهلها بمصر !
وللحق أصبحت لا اّراها سعيدة أبداً إلا عندما أرسل لأهلها بعض المال ، أو أشتري لها بعض الهدايا الغالية ,وكنت أحاول أن أقنع نفسي بأن طبعها الحاد ذلك نتيجة بُعدها عن أهلها .
،وزادت خلافاتنا في الفترة الأخيرة خاصة بسبب اّخر مهمة التي من المفترض أن أسافر إليها بعد شهر والتي اعترضت نجلاء علي أن تذهب معي فيها ولكني أصريت ..!
وحسمنا الأمر بأن تذهب لتفضي ذلك الشهر مع أسرتها بمصر ثم تعود لي لنسافر معاُ إلي تلك المهمة ،وكانت المهمة تلك المرة في اليمن وبالتحديد في حضر موت .
وبالفعل عادت نجلاء قبل سفري بوقت كاف ِ كما اتفقنا ، بل قدمت ومعها مفاجأة سارة لي فقد أخبرتني أنها “حامل” ..وذلك الخبر هو ما كنت أنتظره طيلة عمري ولكن لا اّدري لما لم أشعر بالسعادة ،فكانت إنقباضة قلبي تغطي علي كُل المشاعر الاّخري ..
ولكني مثلت عليها وأشعرتها بأني سعيد للغاية ،واقنعت نفسي بأني متوتر من كوني سأكون أباً لأول مرة وسأتحمل مسئولية بناء شخص اّخر .
وحاولت إشغال نفسي بمعرفة تفاصيل المكان الذي سأذهب لتصويره وبالفعل علمت أن المكان المنشود في حضرموت هو قصر بن عاد وهو من اّثار قوم عاد المتبقية باليمن .،وسافرت أنا وزجتي إلي اليمن ومنها إلي حضرموت وقررت جهة البحث أن نقيم في ذلك القصر مُدة التصوير ..فكنت مكلف بتصوير فيلم وثائقي عن ذلك القصر ورغم سماعي الكثير من الإشاعات عن ذلك القصر وعن كونه مسكون بالجان ولا يجرؤ أحد علي العبور من أمامه وليس الإقامة فيه ،لكني رأيت الكثير من الأخطار خلال عملي في ناشينوال جيوغرافيك ولم أكن أهتم بتلك الخرافات .
وعندما وصلت القصر وجدته بناء ضخم جداً يشبه إلي حد كبير المباني اليونانية وهو علي تل عالي ومكون من طابقين ،وأمامه تمثالين لأسدين كلما مرت الريح عليهم يُسمع منهم صوت زئير ..وكان هناك لوحة أكبر من حجم رأسي مرتين مكتوباً عليها “صدّ بن عاد” .
وحين دلفت إلي القصر وجدت نفسي في بهو واسع للغاية متصل بشرف واسعة تطل علي حديقة القصر التي ذبلت وأصبحت تميل حشائشها للون الأصفر الكئيب ..
وبالبهو سلم فسيح عليه سجادة قديمة باللون الأحمر ويمتد إلي الدور الثاني ،الذي يمتليء بغرف ما بين نوم وبين مراحيض ..أما المطبخ فكان يمتد أسفل البهو وتصل إليه خلال درج صغير ،فكان من حقي غرفة واحدة في ذلك القصر حتي أنتهي من تصوير القصر بالكامل خلال يومين فقط حتي أقم بالسفر لمهمة اّخري،فكنت مُكلفاً بتصوير فيلم وثائقي عن القصر ..
وكانت الغرفة جميلة للغاية بها سرير كبير متصل به أعمدة وبجانبه دولاب كبير ملتصق به مراّة ، ومتصل بالغرفة شرفة جميلة تطل علي حديقة القصر ..
،وجلست أطالع بعض المواقع التي تعرض معلومات وثائقية عن القصر حتي تنتهي زوجتي من ترتيب الملابس في الدولاب ،فعلمت أن ذلك القصر بناه “صد بن عاد”وهو من قوم عاد ..بحيث ألا يكون للريح عليه سلطان عندما راّي ما حل بقومه من الريح العقيم ..وكان صدّ بن عاد له من القوة ما كان يأخذ الشجرة فيقتلعها من عروقها ويأكل من الطعام مأكول عشرين رجلاً من قومه..
وكان مولعاُ بالنساء فتزوج بأكثر من 700 عذراء ،وجلس في قصره ولم يمر به أحد إلا قتله حتي أهلكه الله مع قومه بصيحة من السماء .
فقال تعالي “فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية علي عروشها ” ..
فبدأت بتصوير البهو والشرف الخارجية حتي منتصف اليوم ،ثم قررت أن أسجل أقوال حراس القصر أو الناس الذي لديهم تاريخ مع هذا القصر ..
والغريب في الأمر أن الكُل أجمعوا أن ذلك القصر هو مجمع للعديد من الظوافر الخارقة الغامضة ، أما حارس القصر أضاف عما قالوا وقال بأن كُل غرف الدور العلوي مسكونة نتيجة حوادث الذبح والإغتصاب الذي كان يقوم بها “صدّ بن عاد” فوق ،
فكل غرفة من غرف الدور العلوي تختص بظاهرة مختلفة عن الاّخري ..
فهناك غرفة تسمع منها اّنين مثل اّنين المرضي ، وتسمع منها صرخات كُل مظلوم مر علي ذلك القصر فقُتل أو عُذب ..
والمرحاض في ذلك الطابق المنفصل عن كل الغرف ،يري من يدخله حقائق عن حياته يصورها له الجن ..ولكن لا تعتقد أن ذلك بالأمر الجيد فالحقائق التي ستراها ستكون صادمة للدرجة التي جعلت الكثير من الأشخاص ينتحرون قبل مغادرة ذلك المرحاض ..
وغرفة اّخري تجعلك تشاهد خيانات أقرب الناس إليك ، التي لم تكن تعرفها ..
وأسوء ما في الأمر أن كُل ما تشاهده حدث بالفعل !
،أما الغرفة التي تقبع فيها ..فهي أقل الغرف خطراً وتُسمي بغرفة “القرين”
وتلك الغرفة إذا دخل بها الظالم أو الخائن وكان معه ضحيته ،يقوم قرين الضحية بالفتك بالظالم أو الخائن ..وتلك الغرفة أقل خطراً لصعوبة تواجد شخص مع ضحيته في نفس الغرفة ..فلماذا سيسافر الشخص مع من ظلمه أو خانه حتي يصل إلي هنا!
فكل من يأتون إلي هنا باحثون وعلماء اّثار فتلك الغرفة تكون أمان لهم حتي ينهوا عملهم .
واصابني كلام ذلك الحارس بالذعر وتمنيت لو أنهم أرسلوا شخصاً غيري لتلك المهمة ،ولكني حاولت أن أتماسك وأن أقنع نفسي بأن كُل ذلك تخاريف فأنا أصور في ذلك القصر من الصباح ولم يحدث أي شيء ،فودعت الحارس وهممت بالدخول للقصر ..
حين قال .. نسيت أن أخبرك أن كُل تلك الظواهر تبدأ بعد مغيب الشمس ،فنزلت كلماته تلك وكأن شلال من المياه البارده انصب عليّ ..
،ودلفت إلي القصر وعزمت علي ألا أخبر نجلاء بأي شيء فهي حامل والخوف أكيد سيؤثر عليها ،ودعوت الله بأن نخرج من هنا سالمين !
فقررت أن أنهي اليوم نصف الطابق العلوي ،وفي الغد النصف الاّخر حتي لا نضطر للمبيت هُنا سوي ليلة واحدة فقط .
،وبالفعل بدأت بالغرفة التي أخبرني عنها الحارس بأنك تستطيع أن تسمع فيها صرخات كل من مروا من هنا وقُتلوا ..ولكني تحاملت علي نفسي ودخلت بعدة التصوير ولكني حين بدأت تصوير، بدأت أسمع أصوات أشخاص تتألم ،كما أني وجدت دماء جافة علي الحوائط ثم بدأت أسمع أصوات هامسة في البداية ثم بدأت تزداد وكانت تقول
“راجي ذُبح ، يونس حُرق ، وكاهنة تم اغتصابها ..”
لم أتحمل أكثر من ذلك فهرولت إلي غرفتي ،فوجدت زوجتي شاحبة علي غير العادة ويبدو علي وجهها الرعب ، فسألتها ما بك ؟!
،فقالت لي “أنها راّتني واقفا أمامها وعندما همت لتنادي عليّ ،تحولت لشكل شيطاني مخيف وهجمت عليها وقلت لها .. لما فعلت ِ ذلك ؟! ..لكنها قالت لي بالتأكيد كنت أشاهد كابوساً ”
،كلامها ذلك جعلني أفكر في كلام الحارس عن غرفة القرين وعن الخيانة ..كما تذكرت ما قاله لي الغفير عم حسنين في الماضي وأن احترس من زوجتي ..
،لكني لم أرد أن أظلمها بسبب هواجس وحاولت أن ألتهي بعملي ومونتاج ما صورت ، حتي هدأت وقررت استكمال تصوير المرحاض الذي أخبرني عنه الحارس بأنه يُريك أسوء حقائق عن حياتك ،فاستجمعت شجاعتي ودلفت للتصوير ..فوجدت نفسي في مرحاض قديم يشبه الحمامات المغربية المصنوعة من البلور والفسيفساء ..وكان الوضع هادئاً بالداخل فاطمأنيت قليلاً ولكن حين بدأت في التصوير ..رأيت طفلاً صغيرا لا يتعدي الثلاث سنوات يقف بجانب قدمي ،فصعقت وشعرت بأن الأرض تدور بي ..فمن أين أتي ذلك الطفل الصغير ؟!
،وقبل أن أحاول حتي الهرب وجدته ينظر لي ويقول .. “بابا”
لم أكد أن أرد عليّه حتي وجدته يتحول فأصبحت عيناه بيضاء تماماً وشكله أصبح مرعباً وقال لي بصوت أجش مخيف “انت لست أبي “!
،وظهرت بجانبه زوجتي وهي منكسة الرأس ويحادثها ذلك الشيطان ويقول “أين أبي الحقيقي يا أمي ؟! “
فخرجت من الحمام وأنا أركض ،ولكن حين دلفت إلي غرفتي وجدت زوجتي نائمة كما تركتها ..لكني لأ أنكر بأن الشك بدأ يتسلل إلي عقلي وقلبي تجاهها ..
،فحاولت أن أترك كل تلك الوساوس وراء ظهري وانام لأن تلك الغرفة الوحيدة التي أشعر فيها بالراحة ،ولكن علي عكس ما كنت أشعر به هنا كانت زوجتي قلقة للغاية ، فأكثر من ثلاث مرات تيقظني في الليل وتخبرني بأنها تري انعكاسي في المراّة يتوعد لها ،فحاولت طمأنتها حتي هدأت وبزغ الفجر .
فلم تكن ليلة سهلة أبدا فطيلة الليل أشاهد الكوابيس ،وزوجتي ترتعد بجانبي وكأن شيئاً ما يهددها ، ومجرد أن أرسل لي الحارس طعام الفطور تناولته وأسرعت بتصوير الغرف الباقية ومن بينهم الغرفة التي قال عنها الحارس غرفة الخيانات ..
فكنت أخشي أن أدلف إليها فأشاهد ما أشك به أمامي ولكن هل كان أمامي خيار اّخر؟!
،ولكن بمجرد أن دلفت إلي تلك الغرفة وجدت نفسي في بيت عمي في مصر والأغرب وجدت نفسي أمام مشهد لا اشارك فيه ،فكان أمامي عمي وزوجته ونجلاء زوجتي تبكي وتصرخ بهم وتقول أنها لا تريد أن تترك حسام خطيبها من أجل الزواج بي ..
ولكني سمعت زوجة عمي تقول لها .. بأن الفلوس معي ستجعل من حياتها حياة سعيدة ، وأن حبها لحسام ليس مشروطاً بأن يكون بعقد زواج ..!!
،ثم وجدت المشاهد تتبدل فوجدت نفسي في بيتي بمصر ، ووجدت زوجتي تتعري أمام حسام ..فلم أستطع أن أكمل المشهد فخرجت من الغرفة والدم يغلي بعروقي ودلفت إلي الغرفة التي بها زوجتي ..
،لكني وجدتها تتكلم مع شخص لا اّراه ،فكانت تبكي وتصرخ وتقول “أنا اعلم أني خائنة لكن أرجوك أرحمني ” ، لم تكد تنهي جملتها حتي رأيتها تطير بإتجاه الشرفة.. فحطمت جدار الشرفة بثقل وزنها وخرت من الشرفة لتلقي حدفها ..!”
،وقامت الشرطة بتأييد الحادث قضاء وقدر وأن البناء قديم وجدار الشرفة كان متاّكل وحين ارتكزت عليه نجلاء سقط بها ..
ودلفت أنا لأتعالج في مصحة نفسية لشهور ..ولكن شيء واحد فقط لم أعترف به ..!
وهو أني رأيته ، رأيت شخص ما يشبهني تماماً ولكن كان يحيط به هالة سوداء يمسك نجلاء من شعرها ثم أطاح بها من النافذة، الاّن علمت ما معني أن “يفتك بالخائن قرين الضحية! “.
تمت بحمد الله والصلاة والسلام علي سيدنا ونبينا محمد وعلي اّله وصحبه أجمعين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى